نهضة المغرب 2030..المغرب يمتلك البحار ويتحكم في التجارة العالمية

StepMarocAgency
المؤلف StepMarocAgency
تاريخ النشر
آخر تحديث


  
تمتلك المملكة المغربية شريطًا ساحليًا يمتد لآلاف الكيلومترات، مما يمنحها موقعًا استراتيجيًا فريدًا على الواجهتين المتوسطية والأطلسية. بفضل هذا الامتداد البحري، تسعى المملكة لتعزيز مكانتها كمركز تجاري عالمي، عبر تطوير بنيتها التحتية المينائية وتوسيع نفوذها على طرق التجارة الدولية. من ميناء الناظور في أقصى شرق المتوسط إلى ميناء الداخلة جنوبًا، تعمل المشاريع المينائية المغربية على رسم مستقبل اقتصادي جديد للبلاد.


في ظل هذه الطفرة التنموية، تتابع دول الجوار، مثل الجزائر، هذه التحولات بترقب، فيما تنظر إسبانيا إلى مشاريع المغرب البحرية بقلق، نظرًا لتأثيرها المحتمل على حركة التجارة في مضيق جبل طارق. أما الملك محمد السادس، فيقود هذه المشاريع برؤية طموحة، واضعًا المغرب في قلب مسارات التجارة العالمية الجديدة.

رؤية 2030: ميناءان استراتيجيان لتعزيز مكانة المغرب التجارية

ضمن رؤية المغرب 2030، يُعوَّل على تطوير ميناءين رئيسيين لدعم الاقتصاد الوطني، وليس ميناءً واحدًا فقط، مما يعزز مكانة المغرب كمحور لوجستي في المنطقة. هذه المشاريع لن تُغير فقط خريطة التجارة الإقليمية، بل ستضع المغرب في مصاف الدول الرائدة في الربط البحري العالمي، ليكون لاعبًا أساسيًا في طرق التجارة الدولية الجديدة.

في هذه المقالة، سنأخذكم في جولة لاستكشاف تفاصيل هذه المشاريع الطموحة، ودورها في تحويل المغرب إلى قوة بحرية وتجارية قادرة على المنافسة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.


طرق دولية جديدة

 قبل الحديث في هذه المقالة عن موانئ المغرب دعنا نأخذك في جولة بسيطة حول أهم الطرق التجارية الجديدة في العالم، والبداية من الممر الاقتصادي الهندي الشرق الأوسط و أوروبا، هذا الطريق سيربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط باستخدام مزيج من الطرق البرية والسكك الحديدية والموانئ البحرية ويمر عبر إسرائيل أيضا الموانئ المستخدمة في هذا الطريق هي ميناء موندرا بالهند و ميناء جبل علي في الإمارات، ثم الدمام بالسعودية، ثم يمر عبر الأردن، وميناء حيفا ويعبر إلى أوروبا عبر إيطاليا واليونان. الهدف الرئيسي من هذا الطريق تقليل الاعتماد على قناة السويس المصرية، ويعتمد على عدة أشكال من النقل والبنى التحتية. من بينها طرق سكك حديدية جديدة وموانئ وطرق نقل بحرية ومشاريع طاقة، وكابلات إنترنت.


أما الطريق الثاني هي مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي  أطلقها الرئيس الصيني شي جيم بينج عام 2013، بهدف إعادة إحياء الطريق الحريري التاريخي وتضم تلك المبادرة أكثر من 150 دولة. أما الطرق الرئيسة في هذه المبادرة فتتكون من عدة أمور أولهم شبكة سكك حديدية تمتد من الصين عبر آسيا الوسطى وروسيا إلى أوروبا. وطرق برية وشبكات مواصلات تربط الصين بالشرق الأوسط وإفريقيا، أما الطرق البحرية فتتكون من موانئ واستثمارات بحرية تربط الموانئ الصينية بموانئ جنوب شرق آسيا المحيط الهندي، الشرق الأوسط وأوروبا.  أبرز تلك الموانئ هم ميناء جوادر في باكستان وميناء كولومبو في سيريلانكا وغيرهم الكثير. ويمر هذا الطريق عبر دول الصين ثم كازاخستان وروسيا إلى عدة دول أوروبية، ويتخذ مسارات آخرى نحو إيران وتركيا والشرق الأوسط.

ولكن؟! ما علاقة كل هذا بتطور المغرب البحري؟  حيث يقع ميناء الناظور على غرب المتوسط على الساحل الشمالي الشرقي للمغرب، بالقرب من مضيق جبل طارق، ما يجعله نقطة وصل بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وهذا يخدم مشروعي طريق الممر الهندي أو الحريري الصيني، ولكن ربما طريق الممر الهندي يواجه بعض التعثرات في الوقت الحالي بسبب العوامل الجيوسياسية بين إسرائيل وجيرانها، ولكن الأهم ما هي تفاصيل ميناء الناظور؟


ميناء الناظور شرق المتوسط.

الميناء من حيث الجغرافيا، فكما تحدث الجميع موقعه إستراتيجي بشكل كبير خاصة أنه يربط آسيا وإفريقيا وأوروبا، ومن حيث البناء فمراحله كثيرة حيث سيتكون من الحواجز المينائية ومحطة الحاويات المختلفة والحواجز المينائية تتكون من حاجز أساسي بطول حوالي 4200 م، وحاجزي ثانوي بطول حوالي 1200 م. كما أنه يتكون أيضا من محطة حاويات أرصفة بطول إجمالي يبلغ 1520 مترا، وعمق المياه يصل إلى 18 مترا مما يسمح باستقبال السفن الكبيرة أما مساحة الأراضي المسطحة بالميناء فتمتد على 76 هكتارا، مع إمكانية التوسع بإضافة رصيف آخر للحاويات. أما أهداف الميناء فعديدة وجلها إستراتيجية للمغرب في رحلته الجديدة للسيطرةعلى بالمنطقة.


الهدف الأول من تعزيز مكانة المغرب كمركز إقليمي ولوجيستي كبير، وذلك من خلال تقديم عدة خدمات لوجستية، حيث سيربط التجارة بين أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، وبجانب هذا الأمر سيحفز الميناء قدرات المغرب بمجال النقل البحري، وذلك من خلال استقبال السفن الكبيرة وتعزيز حركة التجارة البحرية في المنطقة. الأمر الآخر، والذي لا يقل أهمية، وهو خلق فرص عمل جديدة في المنطقة الشرقية للمغرب والاستثمارات المختلفة للبلاد ،ولكن هل انتهى المشروع بالوضع الحالي حتى كتابة هذه الأسطر؟.


 فمعظم البنية التحتية الأساسية للمشروع تم الانتهاء منها، ومن المتوقع أن يستقبل الميناء أول سفينة في منتصف عام 2026 سيساهم المشروع وبشكل عام في زيادة التجارة الدولية من وإلى المغرب ومن يعلم؟ من الممكن أن يشارك ميناء الناظور في طريق كبير من الطرق الدولية المزمع بناؤها. 


ميناء الداخلة الأطلسي

ميناء الداخلة الاطلسي هو مشروع استراتيجي جديد يقع على الساحل المغربي للمحيط الاطلسي تحديدا شمال مدينة الداخلة وعلى بعد نحو 40 كيلو مترا منها. تصل تكلفة إنشاء الميناء إلى حوالي 12 مليار  دولار و60 مليون درهم مغربي. ويتضمن بناء قنطرة بحرية ضخمة يبلغ طولها 1300 م. مما يجعلها واحدة من أكبر القناطر في المغرب حاليا. يمتد حاجز الميناء البحري على مسافة 7 كيلو مترات داخل المحيط الأطلسي مع عمق يصل إلى 17 مترا تحت سطح الماء، مما يجعله قادرا على استقبال السفن الضخمة. كما سيضم الميناء أرصفة متعددة الاستخدامات. بطول 600 م وعمق 16 مترا، إلى جانب محطة نفطية، ورصيف للخدمات بطول 100 م، سيكون للميناء دور أساسي في قطاع الصيد البحري، إذ سيتم تخصيص أرصفة خاصة بهذا القطاع تمتد لمسافة 1650 مترا بعمق 12 مترا، كما سيتم إنشاء أحواض بحرية. لتلبية متطلبات النقل التجاري والصيد وإصلاح السفن، وهو ما يعزز مكانة الميناء كمركز بحري إقليمي مهم.


يتميز المشروع باستخدام مكعبات خرسانية لأول مرة في المغرب. حيث يتم تصنيعها محليا داخل ورش الميناء، مما يساهم في خفض التكاليف المالية. وبفضل موقعه الإستراتيجي، سيعمل الميناء كمحور تجاري يربط دول الساحل الإفريقي بأوروبا وباقي أنحاء العالم. من المخطط أن يبدأ تشغيل الميناء رسميا بين عامي 2027 و2028 ليكون أحد أهم الموانئ المغربية وأكثرها تطورا على الإطلاق، كل هذا يساهم في رؤية المغرب 2030، التي تطبق أمام أعيننا بسرعة البرق.


 المغرب 2030. 

المغرب لا يكتفي بتطوير موانئه، بل يحولها إلى مراكز لوجستية عالمية ضمن رؤية 2030 لربط إفريقيا بأوروبا، وتعزيز التجارة الدولية، ميناء الداخلة الأطلسي هو المثال الأبرز، الهدف ليس فقط إنشاء موانئ جديدة، بل بناء منظومة بحرية متكاملة تدعم النقل والصناعة والاستثمار، والخطط التي وضعت لتنقل المغرب لمصافي الدول بقيادة العاهل المغربي محمد السادس.

تعليقات

عدد التعليقات : 2